Sunday, December 6, 2015

ببليوجرافيا الدراسات والمقالات النقدية عن شعر أحمد مطر


القيام بحصر أعمال ودراسات في موضوع معين يتطلب جهدا كبيرا لجعل هذه الببليوجرافيا (أو فهرس المراجع والمصادر) مرجعا موثوقا لكل ما كتب شرقا وغربا حول هذا الموضوع حتى تاريخ النشر. لذلك لا أرى هذا العمل المتواضع الذي قمت به يمكن تصنيفه ببليوجرافيا، ومع ذلك اخترت له هذا التصنيف أملا بأن يصبح كذلك في المستقبل، لذلك ستكون هذه التدوينة مسودة أكثر منها عملا متكاملا، لكنها ستكون دائمة التحديث بإذن الله، وذلك بمساعدة قارئها، وكل مهتم بسيرة ومسيرة الشاعر أحمد مطر. فيصبح القارئ والمهتم مساهما في إكمالها عبر تصحيحاته، وإرساله لما نقص من رسائل ومقالات لتكون مرجعا للباحثين والدارسين والقراء.

اعتمدت في هذا الحصر على المنشور والمذكور في الانترنت، بسبب صعوبة الرجوع للمكتبات العربية، وبالطبع فإن الاقتصار على مصدر وحيد سيحرم من الاستفادة من المصادر الأخرى الهامة، وحاولت أن أرفق مع كل مرجع نسخة PDF من البحث متى ما توفرت، وفضلت تحميلها على موقع شخصي بدل الإحالة إليها بروابط في مواقعها الأصلية لأن تلك المواقع تتعرض للإغلاق فربما يحرم القارئ من الحصول على الرسالة أو المقالة بسبب الإغلاق. وسأحدث إن شاء الله التدوينة بكل ما يستجد من رسائل ومقالات إن توفرت أو أرسلت من قبل يتطوع مشكورا للتصحيح أو التعديل أو الإضافة.

وأنبه إلى أني وضعت في الجزء الأخير "مقالات نقدية"، جمعت فيها المقالات النقدية التي لم أجد لها رابطا أو ذكرا لنشرها في مجلات علمية محكمة.

وأخيرا، وربما ليس له علاقة بموضوع المدونة، ولكنه ذو صلة بالشاعر وسيرته، أرفق لقاء كنت سعدت وتشرفت به مع الشاعر في العام الماضي، وتحدثت عنه في خمس تدوينات، جمعتها في هذا الرابط:




ببليوجرافيا الدراسات والمقالات النقدية عن شعر أحمد مطر


رسائل دكتوراه


السعيدي، عبدالكريم (٢٠٠٨). شعرية السرد في شعر أحمد مطر: دراسة سيمائية جمالية في ديوان لافتات. رسالة دكتواره، جامعة الكوفة، العراق

عبيد، عبدالمنعم جبار (٢٠١٠). التّناص في شعر أحمد مطر. رسالة دكتوراه، الجامعة المستنصرية، العراق



رسائل ماجستير

الأزرقي، أحمد عباس كامل (٢٠١٠). التناص معياراً نقدياً: شعر أحمد مطر أنموذجاً. رسالة ماجستير، جامعة ذي قار، العراق 

الأسدي، مسلم مالك بعير (٢٠٠٧). لغة الشعر عند أحمد مطر. رسالة ماجستير، جامعة بابل، العراق

سليمان، عبدالمنعم محمد فارس (٢٠٠٥). مظاهر التناص الديني في شعر أحمد مطر. رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، فلسطين

العلجة، مودود (٢٠٠٩). السمات الأسلوبية في شعر أحمد مطر. رسالة ماجستير، جامعة يحيى فارس، الجزائر

غنيم، كمال أحمد محمد (١٩٩٧). عناصر الإبداع الفني في شعر أحمد مطر. رسالة ماجستير، جامعة النجاح الوطنية، فلسطين

محمد، أحمد مطر (٢٠١٥). أسلوب الاستفهام عند الشاعر العراقي أحمد مطر. رسالة ماجستير، جامعة تكريت، العراق

محمد، محمد وليد (٢٠٠٧)، الخطاب الشعري في لافتات أحمد مطر. رسالة ماجستير، جامعة البصرة، العراق

محمود، سالم صباح (٢٠٠٧)، الصورة السياسية الساخرة في شعر أحمد مطر. رسالة ماجستير، جامعة صلاح الدين، العراق



دراسات منشورة في مجلات علمية


بنصالح، نوال (٢٠٠٩). شعرنة النكتة: دراسة في لافتات أحمد مطر. مجلة المخبر، (٩)

جمعة، نجوى محمد (٢٠١٣). أساليب السرد القصصي ووسائله في شعر احمد مطر. مجلة دراسات البصرة، (١٦)

الدخيلي، حسين علي عبد الحسين والمولى (٢٠١٣)، عبد فريح كاظم وعبدالجليل، عبدالوهاب. سيمياء العنوان في شعر أحمد مطر. مجلة ميسان للدراسات الاكاديمية، ١٢ (٢٣)

الدهلكي، رحاب لفته حمود (٢٠١٤). الرمز في شعر أحمد مطر. مجلة كلية التربية الأساسية، (٢٠)

الشمري، ثائر سمير (٢٠١٠). قيمة التضاد في الخطاب الشعري لأحمد مطر، مجلة جامعة بابل، ١٨ (١)

طه، رفل حسن (٢٠١٠). قصيدة اللافتة: أحمد مطر أنموذجاً. مجلة جامعة كربلاء العلمية، ٨ (٤)

عامري، شاكر، وصياداني، علي، وأسدي صديقة (٢٠١٥). أسلوب شعر أحمد مطر السیاسي: رؤية نقدية. مجلة كلية التربية الأساسية للعلوم التربوية والإنسانية، (١)

عباس، تحسين فاضل (٢٠١٤). التماسك النصي في شعر أحمد مطر: قصيدة العشاء الأخير أنموذجا. مجلة اللغة العربية وآدابها، (٢٠)

عبدالعالي، حافظ كوزي (٢٠١٢). السخرية الهادفة في شعر أحمد مطر. مجلة اللغة العربية وآدابها، ١ ( ١٥)

العقابي، سالم عبدالنبي جابر (٢٠١١). توظيف الموروث العربي والإسلامي في شعر أحمد مطر: قـراءة في التناص. مجلة جامعة ذي قار العلمية، (٧)

العكيلي، حيدر برزان سكران (٢٠١١). تشبيه التضاد في شعر أحمد مطر: دراسة في التركيب والدلالة في ديوان لافتات. مجلة آداب ذي قار، ١ (٤)

فتاح، علي عبدالرحمن (٢٠١٥). التناص القرآني في قصيدة (بلاد ما بين النحرين) للشاعر أحمد مطر. مجلة آداب الكوفة، ١ (٢١)

فريحي، مليكة (٢٠١٣). تحليل الخطاب: أمثلة تطبيقية على قصائد لأحمد مطر، مجلة عود الند، ٨ (٨٩

فضالة، حسن غانم (٢٠١٣). أنماط المفارقة في شعر أحمد مطر. مجلة كلية التربية الأساسية، (١٠)

لعيبي، محمد قاسم (٢٠١٢). أنساق الهيمنة والتمثيل في شعر أحمد مطر: صورة الغرب أنموذجاً. مجلة جامعة كروك، ٧ (٣)

لفته، خالد جفال (٢٠١٢). التناص القرآني في شعر أحمد مطر. مجلة دراسات البصرة، (١٤)

معروف، يحيى (٢٠٠٨). أساليب استخدام الفکاهة في تصاوير أحمد مطر الفکاهية. مجلة الجمعية العلمية الإيرانية للغة العربية و آدابها، (١٠)

المنصوري، حافظ كوزي (٢٠١٢). التوظيف القرآني في شعر أحمد مطر. مجلة آداب الكوفة، ١ (١٣)

هوج، پرويز أحمدزاده (٢٠١٥). التناص القرآني في شعر أحمد مطر ومهدي أخوان ثالث. بحوث في الأدب المقارن، (١٦)

ياسين، معتز قصي (٢٠١٢). الاغتراب في شعر أحمد مطر. مجلة دراسات البصرة، (١٤)

ياسين، نضال إبراهيم (٢٠٠٨). آليات الرفض والتمرد في شعر أحمد مطر. مجلة أبحاث البصرة، (٣٣)




مقالات نقدية:

أبو عمرو، فؤاد. المنهج الجمالي: قراءة نقدية تطبيقية لقصيدة الشاعر أحمد مطر على باب القيامة وبعض لافتاته

الأسطه، عادل. فن (الأبجرام) في الأدب العربي :أحمد مطر ولافتاته

البدراني، محمد جواد حبيب. المرجعيات التراثية للمفارقة في شعر أحمد مطر

البصري، ياس عوض. الأثر القرآني في شعر أحمد مطر: بحث في آلية التناص

الجميلي، صالح علي. السخرية في شعر أحمد مطر

الجميلي، صالح علي. دراسة تحليلية عن الشاعر أحمد مطر

رضا، محمد جبران. آليات الخطاب النقدي في شعر أحمد مطر

سعود، حمادي خلف. الحدث الدرامي في شعر أحمد مطر

العذاري، ثائر. المفارقة في شعر أحمد مطر
المفارقة في شعر أحمد مطر

غنيم، كمال أحمد. المفارقة التصويرية في شعر أحمد مطر


Monday, June 29, 2015

أميرا الأدب


أميرا الأدب 





من حسنات جامعة الملك سعود أيام دراستي فيها، أن وفرت لطلابها دورات تدريبية وثقافية متنوعة الأغراض، ورسوم الاشتراك فيها رمزية لا ترهق ميزانية الطالب، التحقت بإحداها، وكانت تقام مساءً بمعدل محاضرة واحدة في الأسبوع، جذبني عنوان الدورة، وهو فن الخطابة، أحسست أنه سيساعدني على تحسين الإلقاء وتنظيم الأفكار. 

دلفت إلى القاعة في أول محاضرة، فوجدت أمامي كهلا وقورا سبقنا نحن الطلاب إلى القاعة، كان جالسا خلف طاولة مستطيلة مواجهة لطاولات الطلاب، يقرأ كتابا يقتل به لحظات الانتظار ريثما يبدأ وقت المحاضرة ويكتمل المسجلون فيها. لا يقطع عليه استغراقه في القراءة إلا الرد على سلام كل طالب يدخل القاعة. ابتدأت المحاضرة وانطلق صوت المحاضر هادئاً حتى لا يكاد يسمع، وفصيحاً حتى لا يكاد يلحن، كأن كلماته قبل مغادرة فمه تمر على مدقق نحوي يضبط حركاتها وحروفها. اختار لنا كتاب ديل كارنيجي “فن الخطابة والإلقاء” مرجعا دراسيا، وبقينا أسابيع نتداول فصوله، ونلقي على مسامع الأستاذ خطبنا المجلجلة، وبعد كل خطبة عصماء يدور النقاش حولها، نستدرك على صاحبها أخطاءه ونقاط ضعفه، ليتخلص منها في الأسابيع القادمة.




عمر بهاء الدين الأميري
كان من الممكن أن يزورني الملل كعادته مع الروتين والانضباط، ويزين لي حجج الانقطاع عن الدورة رفقا بي من المشاوير التي أقطعها ما بين حيي الجامعة والروضة، وضغط الدراسة التي تتنافس فيها الفيزياء والكيمياء والأحياء وغيرها من الصداعيات على اقتسام ما تبقى من خلايا الدماغ. لكن المتعة التي وجدتها في هذه الدورة كانت لا تقاوم، انتهت محاضراتها ووددت أن لم تنته، وجرفتني الحياة والدراسة فنسيت معها الدورة وذكرياتها إلى أن قابلت ربما بعد عقد من السنين د. وليد قصاب، الناقد والأديب، فتذاكرنا الشعر والشعراء، وأبدى إعجابه بقصيدة محكمة السبك والتصوير، عن أبٍ صوّر افتقاده لأطفاله بعد خلو البيت منهم، وأبدع في نقل حنينه لشغبهم ودلعهم وبراءتهم، كان هذا الأب الشاعر السوري عمر بهاء الدين الأميري وقصيدته "أب" كتبها بعد أن سافرت عائلته وأولاده الثمانية إلى "حلب" تاركينه للخلوة والوحدة في مصيف "قرنايل" عام ١٣٧٧هـ، ما إن ذكر الاسم حتى نشط الجزء الخاص بحفظ الأسماء في ذاكرتي، وهذا الجزء بالذات أشعر أنه معطوب منذ الطفولة، فهو يفقد من الأسماء أكثر مما يحفظ، ويوقعني في ورطة مع أصدقاء وأحباب تتبخر أسماءهم رغم معرفتي الوطيدة بهم، فأضطر لمصارحتهم بتاريخي المحبط مع حفظ الأسماء، استرجع هذا الجزء المعطوب اسم الدكتور الذي درسني “الخطابة” في مساءات جامعية، فقد كان اسمه أحمد البراء الأميري، وعندما بحثت وسألت عنه وجدت أن أستاذي هو ابن لعمر الأميري، فخجلت من قلة علمي بالعلمين الأب والإبن. 



مرّت سنوات بعد هذا الاكتشاف، انغمست فيها في العمل صباحا ومساء فلم أجد وقتا لبدء رحلة البحث عن الأستاذ من جديد، وأنستني مشاغل الحياة هذه الأمنية، حتى كانت ثورة وسائل التواصل الاجتماعي التي جمعت العالم في قاعدة بيانات واحدة، فالتقى الغريب بأهله، وصافح رفاق العمر بعضهم من أماكنهم المتنائية المترامية في قارات الأرض. وفي غمرة هذه الثورة صحوت يوماً على رسالة من أستاذي الغائب الحاضر، جاء فيها: 



لم ألم نفسي على خطئها الإملائي النحوي في نسيان الألف في كلمة “أخرويا” فلا تلام لو أخطأت رهبة من أحد أساتذتها. ولم أعرف كيف أعبر عن مفاجأتي بهذا الحدث السعيد، ونسيت أن أسأله حتى هذا اليوم إن كانت ذاكرته قوية بحيث تعرفت على أحد طلابه العابرين، أم أن تعقيبه كان على مغرد لا يعرفه من قبل. 

انتهزت إجازة سانحة في الرياض لأطلب لقاءه، وبعد الاتفاق تعذر اللقاء، فمرت سنة أخرى، إلى أن تدخل عنصر المفاجأة مرة أخرى، وكأن ما يحدث رواية خيالية يفرط كاتبها في استخدام عنصر المفاجأة ليملأ الصفحات بالتشويق. كنت في مطار جدة استعدادا للإقلاع إلى الرياض، وكالعادة حضرت مبكرا لأتلذذ بطقوس القراءة مع كوب من القهوة على منظر من الطائرات المستعدة للإقلاع، مع أن هذه العادة الجيدة قد تتغلب عليها أحيانا عادة سيئة في الانشغال بوسائل التواصل متابعة وكتابة. ذهبت إلى مقهى المطار، وأثناء طلب القهوة لفت نظري رجل تقدّم به العمر، منحنٍ على جهازه اللوحي، تفرّست في ملامحه، ووجدتها مطابقة لأستاذي الذي لم تتح لي الظروف مقابلته. وما إن استلمت كوب القهوة من البائع، حتى قررت التوجه له، قطعت عليه صمته، قائلاً: عفوا، هل أنت د. أحمد البراء الأميري؟، فلما أجاب بالإيجاب، ضحكنا من الحظ الذي منعنا من اللقاء بالرياض ليجمعنا في مطار جدة، لنعود منها إلى الرياض في طائرة واحدة، وجدت أن نفسه الشابة لم تمسها عواصف العمر، فابتسامته الطازجة كما هي، ودعاباته وسرعة بديهته متقدة، لكن جسده لم يستطع مقاومة ناموس الحياة، فارتعشت يداه وانحنى ظهره، ولم يعد يستطيع سوى حمل حقيبة يد صغيرة خفيفة كي لا يؤثر وزنها على ظهره، رغم التفاؤل الذي تحمله كتاباته دائما في “تويتر”؛ إلا إنها تخرج كاللحن الأخّاذ من أصابع تصافح بارتعاش أصابع البيانو. 

ولما دعانا المذيع الداخلي إلى التوجه إلى بوابة السفر، لم أستطع احتمال رؤيته واقفا بعد كل هذا العطاء وراء طابور طويل من الأصحاء، فاتجهت إلى موظف شركة الخطوط مصحوبا بنظرات الواقفين الغاضبة، لأنبه الموظف باستثناء الحالات الإنسانية ومنها المسنين، وتقديمهم على غيرهم، اقتنع مشكورا بعد مفاوضة قصيرة، وكتبت ذات يوم مقال من وحي هذه الحادثة: 



بعد العودة إلى الرياض، اتفقت مع الأميري على اللقاء في بيته، كانت جلسة قصيرة ماتعة مليئة بالذكريات والطرائف والنوادر، تطرق الحديث فيها إلى ذكرياته مع والده الشاعر السفير عمر بهاء الدين الأميري رحمه الله، ومنها علاقته بالثائر الوطني الشاعر اليمني محمد الزبيري. 



ثم ذهب بنا الحديث إلى علاقات الدكتور أحمد البراء الأميري بالمناشط الثقافية والمثقفين، وإلى رسالته إلى نزار قباني، الذي كان يرى فيه شاعر مبدعا، يسوءه منه فقط مساسه بالدين والقيم في بعض شعره، فأرسل إليه مهنئا بسلامته وناصحا بإشفاق له.وجدت هذه الرسالة منشورة في موقع الألوكة، وأوردها هنا:

رسالته إلى نزار قباني بتاريخ ١٤١٨هـ 


كما وجدت له نماذج وصورا من مشاركاته الثقافية في مجتمع الرياض الأدبي، منها مشاركاته في الصالون الأدبي الشهير “خميسية عبدالعزيز الرفاعي” رحمه الله:

مشاركته في خميسية الرفاعي بتاريخ ١٤١٢هـ

ومشاركته في أحدية الدكتور راشد المبارك رحمه الله عام ١٤٠٩ في أمسية بعنوان "في حضرة البحتري":



ولأن من كرم ضيافة الأديب إهداؤه كتبا للضيف، فقد تشرفت بثلاث هدايا، وهي مختارات من شعر عمر بهاء الدين الأميري بعنوان “الأميريات”، وكتاب فن التفوق والنجاح، وكتاب اللياقات الست:منهاج حياة، وهذا الكتاب الأخير -كما ذكر قريبٌ من قلبه، لأنه يرى فيه خلاصة تجربته في الحياة، وعونا لكل شاب يرغب تنظيم حياته وتحقيق أهدافه، وكان هناك مشروع -لا  أدري إن تمّ أم لا- لتحويل هذا الكتاب ونصائحه إلى مقاطع على اليوتيوب.

دعواتي لأستاذي في هذا الشهر الكريم أن يديم الله عليه الصحة والعافية، ويبارك في عمره وعلمه وعمله. 








Monday, February 9, 2015

جلسة مع مفكر النقاد د. عبدالله الغذامي



جلسة مع مفكر النقاد د. عبدالله الغذامي





كلما زادت محبة إنسان أو تقديره صعبت الكتابة عنه، ربما هذا ما أخرني في تدوين أول لقاء مع الدكتور عبدالله الغذامي في مدينة الرياض. التقيته بعدها بأسابيع في لندن، كان اللقاء الثاني مشوبا بالقلق على صحته، تفاجأت كغيري بخبر إصابته بالسرطان، لم أجد ما يشفي غليل الاطمئنان عليه سوى تغريدة كتبتها ابنته، حتى عثرت على خبر في صحيفة "عكاظ" أنه يتعالج في لندن من هذا المرض الخبيث الذي يتخيّر خيار الخلق ليرميهم بسهم ابتلائه، وللتذكير فهو نفس المرض الذي أصاب أحمد مطر شفاه الله وكتبت عنه في مدونة سابقة بعنوان "لقاء مع المطر"، ولكنه كان أخف وطأ مع الغذامي ولله الحمد، فاكتشافه المبكر جعل علاجه أسرع وأسهل، وأسأل الله أن يكون شفاؤه نهائيا لا عودة للمرض معه.

وقصة اكتشاف المرض مبكرا إحدى نعم الله، فقد لعبت الصدفة أو بالأصح فضل الله دورا في تخفيف وطأة المرض، فلم تفلح الفحوصات السنوية التي يجريها الغذامي في اكتشاف المرض، ولم يكن الإحساس الخفيف به يوحي بخطورته، وعندما سافر إلى بريطانيا لم يكن سفره لأجل العلاج بل للسياحة، وبعد استجابة متأخرة مترددة لدعوة كريمته وزوجها، اضطر بعدها للبحث عن رحلات عاجلة إلى لندن. بعد مرور العارض الخفيف عليه، ذهب وهو يقدم رجلا ويؤخر أخرى إلى المستشفى، وبعد رؤية الطبيب، وطلبه فحوصات، يتذكر أنه كان سيغادر المستشفى بلا عودة، لو قيل له أن أخذ التحاليل والأشعة سيتأخر، لكنهم قطعوا عليه تردده عندما كان ذلك فوريا. أخبره الطبيب في الزيارة الثانية بشكوكه، فطلب الغذامي منه استئصال الكلية المتضررة كاملة، فتحفظ الطبيب في البداية على القرار قبل تأكده من المرض واستشارته لأطباء آخرين.



أكتفي بهذا القدر من اللقاء الثاني، فلم آخذ إذن الغذامي في نشره، وأعود لذكريات اللقاء الأول محاولا التشبث بما بقي  منه في الذاكرة، وكما هي القاعدة في كل مدونة فإن أي خطأ في نقل المعلومات سببه ذاكرتي وصاحبها، ولا يلام المنقول عنه في شيء من ذلك.

أول معرفة حقيقية للدكتور عبدالله الغذامي كانت بعد قراءتي لكتابه "الحداثة"، وأقول حقيقية لأن الكتاب هو عقل وقلب كاتبه، وهما ما يحتاجه المرء للتعرف على آخر. الغذامي قال  أيضا إنه يكرر دائما مسؤوليته عمّا في كتبه فقط وليس عما يكتب عنه أو على لسانه في الصحافة، ومن أراد محاسبته فليحاسبه على ما جاء بين ثنايا كتبه، ولذلك ليس من عادته النفي أو مكالمة أحد لتصحيح ما جاء في صحيفة، ولهذا أيضا ذكر أنه لم ينتبه لخطأ اسمه الأول في قصيدة قديمة كنتُ نشرتُها في "تويتر" بعد أن وجدتها في أرشيف صحيفة "الجزيرة":




أردفت قراءة الكتاب الأول له بكتاب "الخطيئة والتكفير"، وكان ذلك رغبة في استرجاع تاريخ أبرز حركة ثقافية مرّت ببلادنا وهي "الحداثة"، كان كتاب "الخطيئة والتكفير" سببا في هجوم طال أمده على الغذامي من قبل مناوئي الحداثة، ولم يكن وحيدا أمام تيار المناوئين بل كان معه مجموعة من النقاد والشعراء الذين تجاوز الجور في الخصومة بحقهم الجانب الأدبي الثقافي إلى الاجتماعي. لم أرتح -بعد قراءة بعض نتاج الطرفين- لمنهجية مناوئي الحداثة التي تعسفت في تفسير بعض النصوص الأدبية لإثبات شيطنتها. بعد هذه القراءات استمرت قراءتي لمؤلفات الغذامي ومقالاته، وأرى أنه تميز عن مجايليه ولاحقيه من النقاد بنزعته إلى الشعبي أكثر من النخبوي، ولذلك تحول من النقد الأدبي إلى النقد الثقافي، واقترب من الناس باستقراء التأثير الثقافي لبعض الظواهر الاجتماعية. ولعل هذا ما حوله من مجرد ناقد أدبي إلى مفكر مجتمعي.


أردت أن أتوج هذه المعرفة القرائية بلقائه، ولم تكن تسمح لي فترة إقامتي القصيرة بالرياض بانتظار أمسية يقيمها أو محفل يحضره، فتواصلت معه في "تويتر"، وكان كما هو كريما في تواصله مع الناس في وسائل التواصل كريما في رده، ووقاني من مصيدة الوليمة ظرف سفري الطارئ الذي قدّره فتقابلنا في نفس يوم الاتصال.


اتفقنا على اللقاء بعد صلاة المغرب مباشرة ليكون هناك متسع من الوقت للحديث، صلّيت بمسجد اعتقدته مجاورا للمنزل، وبعد الخروج من الصلاة سألت أحد المصلين عن بيته، فأجاب بمعرفته بسكنى الغذامي بالقرب لكن لا يعرف بالتحديد بيته، وحمّلني إيصال محبته ومتابعته لكتاباته.



بعد الاستزادة من الوصف، وصلت منزله فوجدته -من كرمه وحسن ضيافته- واقفا بالقرب من منتصف الشارع حتى يضمن عثوري على المنزل. بادرته ونحن في الطريق للمجلس بالاستفسار عن عدم حضوره حفل مرور خمسين عاما على نشأة النادي الأدبي بالرياض، وإذا ما كان السبب مقاطعته الشهيرة للأندية الأدبية، فرد أن المقاطعة كانت بسبب نظام تعيين الرؤساء الذي عارضه مطالبا بمنح المثقفين والأدباء حرية انتخاب واختيار من يمثلهم. وبعد تحقق هذا الطلب لم يعد هناك سبب للمقاطعة، ولكنه قليل الخروج في الليل.


تشعّب الحديث، وكانت كل ساعة منه كتابا من الفائدة والثراء. تطرّق إلى الابتعاث إلى المملكة المتحدة  في السبعينات عندما كان المبتعثون لا يتجاوزون العشرين، منهم مبتعثة واحدة كانت على نفقة الملك فيصل رحمه الله. كان ابتعاثه في أدنبرة مسرحا للكثير من التجارب والخبرات، شارك مع مظاهرات للتنديد بتخاذل الأمم المتحدة، ويتذكر أن الباكستانيين كانوا أصحاب خبرة في تنظيم المظاهرات، من ضمن ما فعلوه رفعهم نعشا كُتب عليه "الأمم المتحدة" ليعلنوا وفاتها وتشييعها، وفي الصباح ركّزت الصحف على هذه الرسالة الإيحائية في صورها وتقاريرها.

ولا يتذكر أن أحداً فرض عليه إملاءات أو منعه من الخروج في المظاهرات الداعمة للقضايا العربية والإسلامية، عكس أحد المبتعثين العراقيين الذي كان يظهر الحماس للقضايا القومية، فلما فرح الطلاب العرب والمسلمون بقرار الملك فيصل إيقاف تصدير النفط ردا على دعم الغرب لإسرائيل، فوجئوا بتبدل موقفه، ومعارضته للقرار، متحججا أنه سيحرمهم من المال الكافي للتزود بأحدث الأسلحة. وفي الصباح بعدما تناقلت وكالات الأنباء موقف النظام البعثي العراقي المعارض لإيقاف تصدير النفط علموا سر تبدل موقف زميلهم، وأن دافعه الخوف من حزب البعث لا الحرص على مصلحة الأمة العربية.



* بطاقة القطارات للغذامي عندما كان طالبا في جامعة إكستر
كانت الجامعة نشطة في المحاضرات والمناظرات. وكان بعضها يُنظّم على شكل برلمان يناقش قرارات؛ فتُعطى الفرصة للمؤيين والمعارضين لإبداء آرائهم. في إحدى المناظرات الساخنة، وقع الاختيار عليه لإدارتها، فقد اتفق على ترشيحه جميع الأطراف لقربه من الجميع، ولأنه ليس محسوبا على أحد منهم. في تلك الليلة احتدّت الآراء، وتعدد المتداخلون، ورغم ذلك استطاع الإمساك بزمام إدارة المساجلة. بعد انتهاء المحفل، اقترب منه زميل ماليزي، أثنى على إدارته لكن نصحه بثلاث نصائح: أولها ألاّ يستخدم يده لإيقاف متحدث، وثانيها ألا يستخدم معه مفردة "لو سمحت" لإيقافه، وثالثها: ألا يقف، وذلك لأن كرسي الرئاسة يستمد قوته من صلاحياته، فلا يحتاج إلى وسائل مساعدة أخرى لإدارة الحوار، بل إن استخدام هذه الوسائل قد يفقد الكرسي هيبته.



سألته إن كانت هذه التجربة قد أفادته عندما أدار واحدة من الأمسيات الثقافية التاريخية، بل أشهرها، حين اجتمع الحداثيون مع مناوئيهم في قاعة واحدة. أقيمت هذه الأمسية عام 1982 في نادي جدة الأدبي، وتحدث عنها الغذامي في كتابه "حكاية الحداثة"، كان شعراء الأمسية -من اليمين إلى اليسار- أحمد عائل فقيهي ومحمد الثبيتي ومحمد جبر الحربي وعبدالله الصيخان، وكان هناك مجموعة من النقاد البارزين. يذكر الغذامي أن الأمر كان مجردة أمسية شعرية نقدية لشعراء شباب، لكن بلغه قبل الأمسية حضور مجموعة كبيرة من أصحاب الرأي المعارض للحداثة، وخشية انفراط عقد الأمسية، وتبعثرها بالفوضى والسجالات التي تحرم الحضور الفائدة، استقر رأيه على أن يعلن منذ البداية عن نظام حازم لبرنامج الأمسية، وهو تقسيمها إلى أربع فقرات، الأولى الاستماع إلى قصائد الشعراء، والثانية مناقشة القصائد، والثالثة الاستماع إلى الرأي النقدي التنظيري عن الحداثة، وتخص الفقرة الرابعة وجهة النظر المخالفة للحداثة الشعرية، ومرت الأمسية المناظرة بسلام كما مرت مساجلة أدنبرة.

حدثته عن شكري لنادي جدة الأدبي على نشرهم الأمسية وعتبي على عدم إدراجهم للجزء الأخير منها المثير للجدل، لأنها تعد وثيقة تاريخية أدبية بكل محاسنها وعيوبها، ومن الأمانة الأدبية نشرها كاملة لمعرفة آراء جميع الأطراف.







كنت معجبا بوصية توفيق الحكيم في طبع كتبه بنسخات شعبية حتى لا يثقل على أحد شراؤها، فوجدت أن الغذامي ينشرها بالمجان على موقعه على الانترنت، سألته عن سر هذا التصرف، فأجاب أنه لم يبحث في يوم من الأيام عن الربح المادي، وأنه لجأ إلى نشرها على الانترنت بعدما لمس صعوبة وصولها إلى بعض القراء، ففي إحدى المرات طلبت منه قارئة من فلسطين المحتلة كتابا فشلت كل محاولاتها في الحصول عليه، فأرسل لها الكتاب عن طريق شركة بريد عالمية، ومع ذلك لم يصلها، وهناك قراء من دول ليس فيها خدمات بريدية جيدة كبعض الدول الأفريقية، لذلك وجد أن أفضل طريقة هي نشره في الانترنت ليستطيع أي قارئ الوصول إليه. وعما إذا كان ذلك سيضايق الناشر أجاب باتفاقه مع الناشر الذي لم يمانع في توفيرها على فضاء الانترنت. ورغم عدم اعتراض الغذامي على فكرة توقيع الكتب، لكنه يتحرج شخصيا من رؤية القارئ يشتري الكتاب أمامه ثم يأتي به ليوقعه.







*الغذامي في مكتبته المنزلية
يلتزم الغذامي بنظام صارم في بيته بعد أن تفرغ للقراءة والكتابة بعيدا عن العمل الأكاديمي، فهو يستيقظ في وقت مبكر، ويحدد جدولا زمنيا ليومه يلتزم فيه بمواعيد القراءة والكتابة والمهام اليومية، أحد التزاماته الشهيرة هي ما عرف عنه في تويتر من توديع المتابعين في الساعة الثامنة بتوقيت مكة، وتتأخر صيفا إلى التاسعة، حتى أصبح تتغريدته التوديعية منبها دقيقا يشير إلى حلول الساعة الثامنة مساء. وربما كان هذا الالتزام سببا في تعدد  مؤلفات الغذامي التي أثرت المكتبة العربية. سألته عن الوقت الذي يستغرقه لتأليف كتاب، فذكر أنه يستغرق على الأقل ثلاث سنوات، في خلال هذه الثلاث سنوات تكون فكرة الكتاب قد تخمرت، يقوم بعدها بجمع كل المعلومات والمصادر حولها، ويلقي بعض ما كتبه عنها في الأمسيات الثقافية ويكتب عنها بعض المقالات، فتتكون لديه بعد ذلك مادة  خام للكتاب، يشتغل بعدها على ترتيبها وتنسيقها وتنقيحها قبل إرسالها إلى الناشر. كان وقت اللقاء في المرحلة الأخيرة من كتاب يرصد فيه الظواهر التي طرأت بعد وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة تويتر. رصد فيها بعض الإيجابيات والسلبيات بشواهدها، وحرص أن يخفي هوية بعض أصحاب التغريدات محل الاستقراء، لأنه لا يقصد التشهير بقدر ما يقصد النقد والإصلاح. أما إذا كان اسم المعرف مستعارا فيذكره لأن بإمكان صاحبه تغييره متى أراد. وأترك هذه المدونة مع خبر سعيد هو أن الكتاب قد انتهى الآن، وسيكون قريبا في المكتبات.




*تنويه: الصور المرفقة منقولة بتصرف من موقع الدكتور عبدالله الغذامي